موسوعة نور الرحمن موسوعة نور الرحمن
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

نشأة الاقتصاد الإسلامي وتعريفه

 * مقدمة في الاقتصاد الإسلامي:

إن نشأة الدراسات الاقتصادية الإسلامية  الحديثة وتطورها أدت إلى الاهتمام بدراسة موضوعات الاقتصاد الإسلامي، وعناصره. وللاقتصاد الإسلامي مفاهيمه، ومصادره، وخصائصه، ومبادئه التي تجعل منه نظاماً مستقلاً بذاته، يختلف عن الأنظمة الاقتصادية الأخرى.
* أولاً- نشأته:
الإسلام عقيدةً وشريعةً، ديناً ودولةً، اعتنى بجوانب الحياة السياسية، والاجتماعية كافة. كما اهتم بالعلاقات الاقتصادية بين الناس، فنظمها، وربطها بالأصول الاقتصادية التي نصت عليها المصادر الشرعيّة.
والاقتصاد الإسلامي قديم قدم الإسلام نفسه؛ لأنّ الإسلام منذ بزوغ فجره أشار إلى النظام الاقتصادي والعلاقات الاقتصادية. وكانت الحياة الاقتصادية في صدر الإسلام بسيطة، والمشكلات الاقتصادية محدودة؛ لأنّ النشاط الاقتصادي في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان مقتصراً على الزراعة، والتجارة، والرعي. وحينما ازدهرت الحياة الاقتصادية، وتوسعت أثناء الفتوحات الإسلامية، ظهرت أنماط أخرى من العلاقات الاقتصادية، مما أدى إلى نشوء الدراسات الفقهية التي عالجت المسائل الشرعية بعامة، والاقتصادية بخاصة.
إنّ التقدم الحضاري الذي حققه المسلمون في القرون الأربعة الأولى في المجال الاقتصادي دعا إلى ظهور الكتب الإسلامية التخصصية في فروع الأنشطة الاقتصادية المختلفة، مثل: كتاب الخراج لأبي يوسف (ت:183هـ)، وكتاب الاكتساب في الرزق المستطاب لمحمد بن الحسن الشيباني (ت:189هـ)، وكتاب الخراج ليحيى بن آدم (ت:203هـ) وكتاب الأحكام السلطانية للماوردي (ت:450هـ)، وكتاب الفَلاكة والمَفاوكون للدُّلَجي (ت:838هـ).. وغيرها.
وفي بداية القرن العشرين نشطت الدراسات الاقتصادية الإسلامية التي اتجه بعضها إلى الدراسة الاقتصادية الجزئية، مثل: الربا، والتأمين، والمضاربة... بينما تناول بعضها الآخر دراسات اقتصادية كليّة، تحاول الكشف عن أصول الاقتصاد الإسلامي، وسياسته الاقتصادية، والقسم الآخر من هذه الدراسات اتجه إلى الدراسات الاقتصادية التاريخية التي تُعْنى بتحليل النظام الاقتصادي في عهد من العهود الإسلامية، أو تحليل الفكر الاقتصادي لدى أحد أئمة المسلمين.
ثانياً- تعريفه:
الاقتصاد لغة: إتيان الشيء؛ تقول: قَصَدْتُه إليه، وقَصدْتُ له، وَصدتُ قَصْدَه: نحوتُ نحوَه، والقصْدُ بين الإسراف والتقتير، ويدل عليه قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ﴾ [لقمان:19].
الاقتصاد شرعاً:
ذكر القرآن الكريم مدلول لفظة (الاقتصاد)، وذلك في آيات عدة، منها: قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا﴾ [الإسراء:29]. وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان:67]. وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء:26]. والآيات السابقة تدعو إلى التوسط والاعتدال، وعدم الإسراف، والتقتير، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: «مَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ». وبالتأمل في المعنيين اللغوي والشرعي، نجد أنّ القاسم المشترك بينهما هو التوسط والاعتدال، وعدم الإسراف والتبذير.
وعرّف العز بن عبد السلام الاقتصاد بقوله: (رتبة بين رتبتين ومنزلة بين منزلتين، والمنازل ثلاثة: التقصير في جلب المصالح، والإسراف في جلبها، والاقتصاد بينهما... ثمّ قال: وللاقتصاد أمثلة في استعمال مياه الطهارة، فلا يستعمل من الماء إلا قدر الإسباغ، ولا ينقص عن المد في الوضوء، والصاع في الغسل).
الاقتصاد اصطلاحاً:
على الرغم من أنّ الاقتصاد الإسلامي قديم قدم الإسلام نفسه، إلا أنّ فقهاء المسلمين الأقدمين لم يخصّوه بتعريف محدد، لأنّه لم يكن علماً مستقلاً بذاته آنذاك. ولكن بعد نشأة الدراسات الاقتصادية الإسلامية الحديثة، نجد علماء الاقتصاد المعاصرين قد اهتموا بتحديد ماهية الاقتصاد الإسلامي، فعرّفوه تعريفات عدّة، شملت أصول الإسلامي، وموضوعه، والهدف منه، ومصادره.
ويمكن تعريف النظام الاقتصادي الإسلامي بأنه: «مجموعة الأصول والقواعد التي تبحث في الظاهرة الاقتصادية، على وفق المصادر الشرعية، لسد حاجات الناس المادية والمعنوية».
تحليل التعريف:
1- بيّن التعريف طبيعة هذا النظام، وماهيته، وأنّه مجموعة القواعد الاقتصادية العامة، والجزئية التي اُستُخِرجَت من الأدلة الشرعية.
2- أظهر التعريف مصادر النظام الاقتصادي الإسلامي، وهي المصادر الشرعية الأصلية؛ كالقرآن والسنة، والتبعية؛ كالاستحسان والمصالح المرسلة... فهذه أصول التشريع التي تُستمد منها الأصول والقوانين والأحكام الاقتصادية. ولمّا كانت هذه المصادر إلهية، فإن النظام الاقتصادي الإسلامي إلهي المصدر، سواء أكانت القواعد والتطبيقات الاقتصادية مستنبطة من القرآن والسنة، أم من المصادر الاجتهادية الأخرى.
3- بيّن التعريف موضوع النظام الاقتصادي، وهو البحث في الظاهرة الاقتصادية التي تعني سلوك الإنسان في مجال الإنتاج، والتوزيع، والاستهلاك، والتبادل... وما يتولد عن هذا السلوك من متغيرات اقتصادية.
ولا تقتصر مهمة النظام الاقتصادي على البحث في الظاهرة الاقتصادية فحسب، بل يضع الحلول المناسبة للمشكلات الاقتصادية التي تنشأ عن هذه الظواهر عن طريق السياسة الاقتصادية التي تسعى لتحقيق أهداف النظام الاقتصادي الذي يحدّد أهدافها الرئيسة.
4- بيّن التعريف غاية النظام الاقتصادي، وهدفه، وهو ليس إشباع الحاجات المادية فحسب – كما في النظام الرأسمالية والاشتراكية – المتمثلة في المأكل والملبس والمسكن... بل يشمل المعنوية. فالنظام الاقتصادي الإسلامي يسعى لتحقيق سعادة الإنسان، عن طريق تحقيق مطالبه المادية، والمعنوية؛ لأنّ الإنسان مكوّن من جسد وروح، والإسلام لا يفصل بين مطالب الجسد والروح.
* المصدر: معالم الاقتصاد الإسلامي: د. صالح العلي.

عن الكاتب

Admin

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

Translate

إحصاءات الموسوعة

المتابعون

جميع الحقوق محفوظة

موسوعة نور الرحمن