موسوعة نور الرحمن موسوعة نور الرحمن
random

آخر الأخبار

random
جاري التحميل ...

موقف الفكر الإسلامي من الاقتصاد

 في القرآن الكريم حديث طويل عن اعتبار النشاط الاقتصادي جزءاً من النشاط الإنساني والذي هو مجال الدين، مثال ذلك قوله تعالى:﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ84/11وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [هود:84-85].

وهذا النشاط الاقتصادي يؤدي إلى عبادة الله، قال تعالى:﴿الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْـمُنكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور﴾ [الحج:41].
وبُعد المسلم عن هذا النشاط يستوجب عقوبة الله، قال تعالى:﴿هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد:38].
وأمر الله سبحانه الناس بإقامة الحق، ومن ضمنها المسائل الاقتصادية، قال تعالى:﴿وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ [هود:85].
وفي المقابل جاء النهي عن التواني في إحقاق الحق، قال تعالى:﴿وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾[الشورى:27].
وألحّ القرآن الكريم على بعض النشاطات الاقتصادية، مثل إعمار الأرض وبنائها، قال تعالى:﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ﴾ [هود:61].
وجاءت الدعوة القرآنية إلى إقامة حياة طيبة في كثيرٍ من مواضع القرآن، منها قوله تعالى:﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [النحل:97].
لكن ما هو موقف الفكر الإسلامي من الاقتصاد؟.
الفكر الإسلامي: هو مجموع مقولات العلماء والشراح والمفكرين الإسلاميين في موضع ما، بينما الإسلام يقوم على نصوص واجتهاد في غير مورد النص يتمّم تلك النصوص، وهناك تيارات أربعة:
التيار الأول: تيار قديم يحتوي أكثر المباحث الاقتصادية ضمن مقولات دون فصل بينها وبين غيرها من المباحث الفقهية، أي لا يوجد اقتصاد مستقل، مثال ذلك كتاب الأموال، والخراج.
التيار الثاني: وهو التيار الحديث المعاصر، وإليه اتّجه الجمهور من الفقهاء المعاصرين، ويتجه إلى فرز المباحث الاقتصادية في الفقه الإسلامي، وجمع ما تفرّق منهما تحت نظرية واحدة تسمّى لديهم: (اقتصاداً إسلامياً) وإلى ذلك اتجه كثيرون ممن كتب في الفقه الإسلامي حول الاقتصاد، ومن هؤلاء المرحوم الشيخ محمد باقر الصدر باسم (اقتصادنا) والمرحوم الشيخ أبو الأعلى المودودي في كتابه (نظرية الاقتصاد في الإسلام) وغيرهما.
ودليلهم على ذلك: بأن مقتضيات العصر دعت إلى ذلك ثمرةً طبيعيةً للتخصصات العلمية الحديثة.
وهذا من المصالح المرسلة، بل ومن الأمور الاستحسانية التي دعت إليها الحاجة (وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن)، ولعل أهل هذا التيار اقتدوا بأولئك الفقهاء القدامى الذين كتبوا في مباحث من العلوم الاقتصادية الإسلامية مثل (الخراج) لأبي يوسف، و(الأموال) لابن سلام، وأضرابهم، ولا مانع شرعاً ولا عقلاً ولا عادةً من ذلك التّخصص في التأليف والبحث العلمي، بل إن ذلك مما يقتضيه العصر، ويتطلبه واقع المسلمين اليوم، ولعله يكون أفضل في الدفاع عن الفقه الإسلامي العظيم في وجه الهجمات المغرضة من أعدائه وخصومه من الأعداء الألدّاء، وهكذا فما لا يُتَوصَّل إلى الواجب إلا به فهو واجب، وهذه قاعدة (مقدِّمة الواجب) المعروفة في أصول الفقه.
التيار الثالث: اتجه أصحابه إلى إنكار وجود أي اقتصاد إسلامي، وذلك ناتج عن تلك النظرة السطحية التي نظروا بها إلى الفقه الإسلامي القديم!!
التيار الرابع: يرى أن الإسلام يعتبر تشريعاً متكاملاً دنيوياً ودينياً، وبالتالي فالاقتصاد علم يمكن أن يهيمن عليه الإسلام، كما يهيمن على العلوم الأخرى كالطب والكيمياء ونحوها.
الترجيح: (والذي يظهر أن الصواب من هذه التيارات الأربعة هو التيار الثاني الذي يقول بمقولة الاقتصاد الإسلامي مع مزجه ببعض قضايا نلقّحه بها من التيار الرابع تلقيحاً فقط، أو نعدّله بها تعديلاً طفيفاً، فالواقع أن المسلمين أفراداً وجماعات بحاجة إلى اقتصاد إسلامي مرن متفتّح لا مغلق، وإذا كانت المصلحة شرعَ الله كما قيل: (حيثما كانت المصلحة فثمَّ شرع الله) وكما قال العلامة ابن القيّم: (الشريعة رحمة كلها، وعدل كلها، ومصلحة كلها، فكل مسألة خرجت عن الرحمة والعدل والمصلحة فليست من الشريعة ولو أُدخلت فيها بالتأويل) فإن الوجه الأمثل الذي يُستحسنُ أن يصير إليه الفقهاء المعاصرون فيما أرى هو ذلك التوجه الجامع بين التيارين الثاني والرابع، على أن يُعتمد التيار الثاني أصلاً، والتيار الرابع شارحاً ومفسراً، ومكملاً وميسراً، وفاتحاً لما أُغلق في التيار الثاني ومعدّلاً).
وهذا الاقتصاد الإسلامي يجب أن يختص ببعض الخصائص، والتي أهمها:
1- اقتصاد رباني: في المنطلقات، والغايات، وغيرها.
2- اقتصاد أخلاقي: في كل المجالات: في الإنتاج والتوزيع والتداول والاستهلاك.
3- اقتصاد إنساني: لأن الإنسان هو الوسيلة للاقتصاد، وهو الغاية.
4- اقتصاد وسطي: معتدل في نظرته إلى كل الأشياء، ومنها الاقتصادية.
 
* المرجع: دراسات في فقه الاقتصاد الإسلامي.

عن الكاتب

Admin

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

Translate

إحصاءات الموسوعة

المتابعون

جميع الحقوق محفوظة

موسوعة نور الرحمن